أما المفاهيم الشيعية عن العرش والكرسي
العرش عندنا مخلوق محدود ، وليس كما يتصورالمشبهون أنه مكان يجلس عليه الله تعالى ! بل هو مكان منه يدار الكون بأمر الله تعالى ، فهو أشبه بـ (سنترال) الكون . وهذه بعض الأحاديث الشريفة التي تبين عقيدتنا في العرش :

روى الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه في كتاب التوحيد ص 316 ، قصة قدوم جاثليق الى المدينة مع مائة من النصارى بعد قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسؤاله أبا بكر عن مسائل لم يجبه عنها ، ثم ارشد إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فسأله عنها فأجابه . وكان فيما سأله أن قال له : أخبرني عن الرب أين هو وأين كان ؟ فقال علي عليه السلام : لا يوصف الرب جل جلاله بمكان ، هو كما كان ، وكان كما هو ،لم يكن في مكان ، ولم يزل من مكان إلى مكان ، ولا أحاط به مكان ، بل كان لم يزل بلاحد ولا كيف ، قال : صدقت ، فأخبرني عن الرب أفي الدنيا هو أو في الآخرة ؟ قال علي عليه السلام : لم يزل ربنا قبل الدنيا ، ولا يزال أبدا ، هو مدبر الدنيا ، وعالم بالآخرة ، فأما أن يحيط به الدنيا والآخرة فلا ، ولكن يعلم ما في الدنيا ، والآخرة . قال : صدقت يرحمك الله ، ثم قال : أخبرني عن ربك أيحمل أو يحمل ؟ فقال علي عليه السلام : إن ربنا جل جلاله يحمل ولا يحمل ، قال النصراني : فكيف ذاك ؟ ! ونحن نجد في القرآن ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) فقال علي عليه السلام : إن الملائكة تحمل العرش ، وليس العرش كما تظن كهيئة السرير ، ولكنه شيء محدود مخلوق مدبر ، وربك عزوجل مالكه ، لا أنه عليه ككون الشيء على الشيء ، وأمر الملائكة بحمله ، فهم يحملون العرش بما أقدرهم عليه ، قال النصراني : صدقت رحمك الله ... الى آخر الحديث 

ـ وفي ص 317 : عن الامام الصادق عليه السلام أنه سئل عن قول الله عزوجل : ( الرحمن على العرش استوى ) فقال : استوى من كل شيء ، فليس شيء أقرب إليه من شيء . 

* وعنه عليه السلام : من زعم أن الله عزوجل من شيء أو في شيء أو على شيء فقد كفر ، قلت : فسر لي ، قال : أعني بالحواية من الشيء له ، أو بإمساك له ، أو من شيء سبقه . 

* وفي رواية اخرى قال : من زعم أن الله من شيء فقد جعله محدثا ، ومن زعم أنه في شيء فقد جعله محصورا ، ومن زعم أنه على شيء فقد جعله محمولا . 

* وعنه عليه السلام قال : كذب من زعم أن الله عزوجل من شيء أو في شيء أو على شيء . 
ـ وفي ص 319 : 
عن داود الرقي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله ، عزوجل : ( وكان عرشه على الماء ) فقال لي : ما يقولون في ذلك ؟ قلت : يقولون إن العرش كان على الماء والرب فوقه ، فقال : كذبوا ، من زعم هذا فقد صير الله محمولا ووصفه بصفة المخلوقين ، ولزمه أن الشيء الذي يحمله أقوى منه . قلت : بين لي جعلت فدالك ، فقال : إن الله عزوجل حمل علمه ودينه الماء قبل أن تكون أرض أو سماء أو جن أو إنس أو شمس أو قمر ؛ فلما أراد أن يخلق الخلق نثرهم بين يديه فقال لهم : من ربكم ؟ ! فكان أول من نطق رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام والائمة صلوات الله عليهم ، فقالوا : أنت ربنا ، فحملهم العلم والدين ، ثم قال للملائكة : هؤلاء حملة علمي وديني وامنائي في خلقي وهم المسؤولون ؛ ثم قيل لبني آدم : أقروا لله بالربوبية ولهؤلاء النفر بالطاعة ، فقالوا : نعم ربنا أقررنا ، فقال للملائكة : اشهدوا ، فقالت الملائكة : شهدنا على أن لا يقولوا إنا كنا عن هذا غافلين أو يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون . يا داود ولايتنا مؤكدة عليهم في الميثاق . 

* عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال : سأل المأمون أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام ، عن قول الله عزوجل : ( وهو الذي خلق السموات والارض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) فقال : إن الله تبارك وتعالى خلق العرش والماء والملائكة قبل خلق السموات والارض ، وكانت الملائكة تستدل بأنفسها وبالعرش والماء على الله عزوجل ، ثم جعل عرشه على الماء ليظهر بذلك قدرته للملائكة ، فيعلموا أنه على كل شيء قدير ، ثم رفع العرش بقدرته ونقله ، فجعله فوق السموات السبع وخلق السموات والارض في ستة أيام ، وهو على عرشه ، وكان قادرا على أن يخلقها في طرفة عين ، ولكنه عزوجل خلقها في ستة إيام ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئا بعد شيء ، وتستدل بحدوث ما يحدث على الله تعالى ذكره مرة بعد مرة ، ولم يخلق الله العرش لحاجة به إليه لانه غني عن العرش وعن جميع ما خلق ، لا يوصف بالكون على العرش لانه ليس بجسم ، تعالى الله عن صفة خلقه علوا كبيرا . 

ـ وفي ص 321 :50 ـ باب العرش وصفاته 

عن حنان بن سدير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العرش والكرسي ، فقال : إن للعرش صفات كثيرة مختلفة ، له في كل سبب وضع في القرآن صفة على حدة فقوله : ( رب العرش العظيم ) يقول : الملك العظيم ، وقوله : ( الرحمن على العرش استوى ) يقول : على الملك احتوى ، وهذا ملك الكيفوفية الاشياء ، ثم العرش في الوصل متفرد من الكرسي ، لانهما بابان من اكبر أبواب الغيوب ، وهما جميعا غيبان ، وهما في الغيب مقرونان ، لان الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع ومنه الاشياء كلها ، والعرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف والكون والقدر والحد والاين والمشية وصفة الارادة ، وعلم الالفاظ والحركات والترك ، وعلم العود والبدء ، فهما في العلم بابان مقرونان لان ملك العرش سوى ملك الكرسي ، وعلمه أغيب من علم الكرسي ، فمن ذلك قال : ( رب العرش العظيم ) أي صفته أعظم من صفة الكرسي وهما في ذلك مقرونان ، قلت : جعلت فداك فلم صار في الفضل جار الكرسي ؟ قال : إنه صار جاره لان علم الكيفوفية فيه ، وفيه الظاهر من أبواب البداء وأينيتها وحد رتقها وفتقها . 

ـ وفي التوحيد للصدوق ، 327 : 
52 ـ باب معنى قول الله عزوجل : ( وسع كرسيه السموات والارض ) 
1 ـ حدثنا أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : ( وسع كرسيه السموات والارض ) قال : علمه . 
2 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : ( وسع كرسيه السموات والارض ) فقال : السماوات والارض وما بينهما في الكرسي ، والعرش هو العلم الذي لا يقدر أحد قدره . 
3 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي عن فضيل بن يسار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : ( وسع كرسيه السموات والارض ) فقال : يا فضيل السماوات والارض وكل شيء في الكرسي

4 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحجال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن زرارة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : ( وسع كرسيه السموات والارض ) السماوات والارض وسعن الكرسي ، أم الكرسي وسع السموات والارض ؟ فقال : بل الكرسي وسع السموات والأرض والعرش وكل شيء في الكرسي .