بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الله وبركاته
خطبة امير المؤمنين بعد موقعة الجمل
XXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXX
قال سليم : شهدت عليا عليه السلام حين عاد زيادة بن عبيد بعد ظهوره على أهل الجمل , وإن البيت لممتلئ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيهم عمار وأبو الهيثم بن التيهان وأبو أيوب وجماعة من أهل بدر نحو من سبعين رجلا - وزياد في بيت عظيم شبه البهو - إذ أتاه رجلا بكتاب من رجل من الشيعة بالشام :
"إن معاوية استنفر الناس ودعاهم الى الطلب بدم عثمان . وكان فيما يحظهم به أن قال : إن عليا قتل عثمان وآوى قتلته , وإنه يطهن على أبي بكر وعثمان ويدعي أنه خليفة رسول الله وإنه أحف بالأمر منهما . فنفرت العامة والقراء , واجتمعوا على معاوية إلا قليل منهم "
قال : فحمد الله وأثنى عليه وقال : " وأما بعد , مالقيت من الأمة بعد نبيها منذ قبض عليه السلام , فأقام عمر وأصحابه الذين ظاهروا علي أبا بكر فبايعوه ,
وأنا مشغول بغسل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وكفنه ودفنه , وما فرغت من ذلك حتى بايعوه وخاصموا الأنصار بحجتي وحقي , والله إنه يعلم يقيناوالذين ظاهروه أني أحق بهما من أبي بكر .
فلما رأيت اجتماعهم عليه وتركهم إياي ناشدتهم الله عز وجل وحملت فاطمة عليها السلام على حمار وأخذت بيد أبني الحسن والحسين لعلهم يرعوون , فلم أدع أحد من أهل بدر ولا أهل السابقة من المهاجرينوالنصار إلا استعنتهم ودعوتهم إلى نصرتي وناشدتهم الله حقي فلم يجيبوني ولم ينصروني . أنتم تعلمون يا معشر من حضر من أهل بدر أني أقل إلا حقا ".
قالوا : صدقت يا أمير المؤمنين وبررت , فنستغفر الله من ذلك ونتوب اليه .
قال : " وكان الناس قريبي عهد بالجاهلية فخشيت فرقة أمة محمد واختلاف كلمتهم , وذكرت ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه أخبرني بما صنعوا وأمرني : إن وجدت أعوانا جاهدتهم وإن لم أجد أعوانا كففت يدي وحقنت دمي .
ثم ردها أبوبكر إلى عمر - ووالله إنه يعلم يقينا أني أحق بها من عمر - فكرهت الفرقة فبايعت وسمعت وأطعت .
ثم جعلني عمر سادس ستة فولى الأمر ابن عوف , فخلا بإبن عفان فجعلها له على أن يردها عليه , فكرهت الفرقة والاختلاف .
ثم ان عثمان غدر بابن عوف وزوها عنه , فبرء منه ابن عوف وقام خطيبا فخلعه كما خلع نعله . ثم مات ابن عوف وأوصى أن لايصلي عليه عثمان , وزعم ولد ابن عوف أن عثمان سمه .
ثم قتل ( أي عثمان ) , وأجتمع الناس ثلاثة أيام يتشاورون في أمرهم . ثم أتوني فبايعوني طائعين غير مكرهين .
ثم أن الزبير وطلحة أتياني يستأذناني في العمرة , فأخذت عليهما أن لا ينكثا بيعتي ولا يغدرا بي ولا يبغيا علي غائلة , ثم توجها إلى مكة فسارا بعائشة إلى أهل مدرة (المدرة بمعنى البلدة والقرية لأن بنيانها من المدر أي الطين , ولعله تصحبف كلمة مدينة والمراد به البصرة ) كثير جهلهم قليل فقههم , فحملوها على نكث بيعتي واستحلال دمي " .
ثم ذكر عليه السلام عائشة وخروجها من بيتها وما ركبت منه . فقال عمار: يا أمير المؤمنين , كف عنها فإنها أمك . فترك ذكرها وأخذ فب شئ آخر , ثم عاد إلى ذكرها فقال أشد مما قال أولا . فقال عمار : يا أمير المؤمنين , كف عنها فإنها أمك . فأعرض عن ذكرها ثم عاد الثالثة فقال أشد مما قال , فقال عمار : يا أمير المؤمنين , كف عنها فإنها أمك , فقال : " إني مع الله على من خالفه , وإن أمكم ابتلاكم الله بها ليعلم أمعه تكونون أم معها ؟"
قال سليم : ثم ذكر علي عليه السلام بيعة أبي بكر وعمر وعثمان فقال : " لعمري لئن كان الأمر كما يقولون , ولا والله ماهو كما يقولون " ثم سكت فقال له عمار : وما يقولون ؟ فقال : " يقولون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يستخلف أحدا وإنهم إنما تركوا ليتشاوروا , ففعلوا غير ما أمروا في قوله , فقد بايع القوم أبا بكرعن غير مشورة ولا رضى من أحد , ثم أكرهوني وأصحابي على البيعة . ثم بايع أبو بكر عمر عن غير مشورة . ثم جعلها عمر شورى بين ستة رهط وأخرج من ذلك جميع الأنصار والمهاجرين إلا هؤلاء الستة ثم قال يصلي صهيب بالناس ثلاثة أيام , ثم امر الناس : إن مضت ثلاثة أيام ولم يفرغ القوم أن تضرب رقابهم و وإن اجتمع , وإن اجتمع أربعة وخالف اثنان أن يقتلوا الاثنين . ثم تشاوروا في ثلاثة أيام وكانت بيعتهم عن مشورة من جماعتهم وملأهم , ثم صنعوا ما رأيتم .
ثم قال " إن موسى قال لهارون { مامنعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن } إلى قوله { ولم ترقب قولي } , وأنا من نبي الله بمنزلة هارون من موسى , عهد الي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : إن ضلت الأمة بعده وتبعت غيري أن أجاهدهم إن وجدت أعوانا , وإن لم أجد أعوانا أن أكف واحقن دمي , وأخبرني بما الأمة صانعة بعده .
فلما وجدت أعوانا بعد قتل عثمان على إقامة أمر الله وإحياء الكتاب والسنة لم يسعني الكف , فبسطت يدي فقاتلت هؤلاء الناكثين ؛ وأنا غدا إنشاء الله مقاتل القاسطين بأرض الشام في موضع يقال له ( صفين ) ؛ ثم أنا بعد ذلك مقاتل المارقين بأرض من أرض العراق يقال لها ( النهروان ) . أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقتالهم في هذه المواطن الثلاث .
وكففت يدي لغير عجز ولا جبن ولا كراهية للقاء ربي , ولكن لطاعة رسول الله وحفظ وصيته , فلما وجدت أعوانا نظرت فلم أجد بين السبيلين ثالثا : إما الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , أو الكفر بالله والجهود بما أنزل الله ومعالجة الأغلال في نار جهنم والإرتداد عن الإسلام .
وقد أخبرني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الشهادة من ورائي , وإن لحيتي ستخضب من دم رأسي , بل قاتلي أشقى الأولين والآخرين , رجل أحيمر ( بضم الألف )يعدل عاقر الناقة ويعدل قابيل قاتل أخيه هابيل وفرعون الفراعنة والذي حاج إبراهيم في ربه ورجلين من بني إسرائيل بدلا كتابهم وغيرا سنتهم , ثم قال : ورجلين من أمتي ".
ثم قال عليه السلام : "إن عليهما خطايا أمة محمد , وإن كل دم سفك إلى يوم القيامة ومال يؤكل حراما وفرج يغشى حراما وحكما يجار فيه عليهما , منغير ان ينقص من إثم من عمل به شئ " .
فقال عمار : يا أمير المؤمنين , سمهما لنا فلنلعنهما . قال : " ياعمار , ألست تتولى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتبرء من أعدائهم ؟ " قال : بلى . قال : " وتتولاني وتتبرأ من عدوي ؟ " قال : بلى , قال : " حسبك يا عمار , قد برئت منهما ولعنتهما وإن لم تعرفهما بأسمائهما "
قال : يا أمير المؤمنين لو سميتهما لأصحابك فبرءوا منهما كان أمثل من ترك ذلك . قال : " رحم الله سلمان وأباذر والمقداد , ماكان أعرفهم بهما وأشد برائتهم منهما ولعنتهم لهما " .
قال : يا أمير المؤمنين جعلت فداك , فسمهما فإنا نشهد أن نتولى من توليت ونتبرءممن تبرأت منه . قال : " ياعمار , إذا يقتل أصحابي وتتفرق عني جماعتي وأهل عسكري وكثير ممن ترى حولي !
يا عمار , من تولى موسى وهارون وبرئ من عدوهما فقد برئ من العجل والسامري , ومن تولى العجل والسامري وبرئ من عدوهما برئ من موسى وهارون من حيث لا يعلم . يا عمار فمن تولى رسول الله وأهل بيته وتولاني وتبرء من عدوي فقد برئ منهما ؛ ومن برئ من عدوهما فقد برئ من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من حيث لا يعلم " .
فقال محمد ابن ابي بكر : يا أمير المؤمنين , لا تسمهما فقد عرفتهما ! ونشهد الله أن نتولاك ونبرء من عدوك كلهم , قريبهم وبعيدهم وأولهم وآخرهم وحيهم وميتهم وشاهدهم وغائبهم . ( وروي أن محمد ابن ابي بكر بايع علي عليه السلام على البراءة من أبيه )
فقال أمير المؤمنين : " يرحمك الله يا محمد , إن لكل قوم نجيبا وشاهدا عليهم وشافعا لأماثلهم و وأفضل النجباء النجيب من اهل السوء , وإنك يا محمد لنجيب اهل بيتك .
أما إني سأخبرك : دعاني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعنده سلمان وأبوذر والمقداد , ثم أرسل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عائشة إلى أبيها وحفصة إلى أبيها وأمر أبنته فأرسلت إلى زوجها عثمان , فدخلوا.
فحمد الله وأثنى عليه وقال :يا أبا بكر , يا عمر , يا عثمان , إني رأيت الليلة إثني عشر رجلا على منبري يردون أمتي عن الصراط القهقرى . فأتقوا الله وسلموا الأمر لعلي بعدي ولا تنازعوه في الخلافة ولا تظلموه ولا تظاهروا عليه أحدا . قالوا يا نبي الله . نعوذ بالله من ذلك ! أماتنا الله قبل ذلك !!
قال ( النبي ) عليه السلام : فإني أشهدكم جميعا ومن في البيت من رجل وإمرأة : أن علي بن أبي طالب خليفتي في أمتي , وأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم . فإذا مضى فإبني هذا - و وضع يده على رأس الحسن عليه السلام - فإذى مضى فإبني هذا - و وضع يده على رأس الحسين عليه السلام - ثم تسعة من ولد الحسين عليه السلام واحد بعد واحد , وهم اللذين عنى الله بقوله { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } . ثم لم يدع آية نزلت في اللأئمة إلى تلاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
فقام أبو بكر وعمر وعثمان , وبقيت أنا واصحابي أبو ذر وسلمان والمقداد وبقيت فاطمة والحسن والحسين , وقمن نساءه وبناته غير فاطمة , وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( رأيت هؤلاء الثلاثة وتسعة من بني أمية وفلان من التسعة من آل أبي سفيان ( المراد به معاوية , أي معاوية أحد التسعة من بني أمية ) وسبعة من ولد الحكم بن أبي العاص بن أمية يردون أمتي على أدبارها القهقرى ) .
قال ذالك علي عليه السلام وبيت زياد ملآن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم . ثم أقبل عليهم فقال : " اكتموا ما سمعتم إلا من مسترشد . يا زياد , إتق الله في شيعتي بعدي " ! فلما خرج من عند زياد أقبل علينا فقال : " إن معاوية سيدعيه , ويقتل شيعتي , لعنه الله " .
المصدر : كتاب سليم بن قيس الهلالي ( أسرار آل محمد )
حيث قال الإمام زين العابدين عليه السلام :
( صدق سليم , رحمه الله , هذا حديثنا كلنا نعرفه )
"إن معاوية استنفر الناس ودعاهم الى الطلب بدم عثمان . وكان فيما يحظهم به أن قال : إن عليا قتل عثمان وآوى قتلته , وإنه يطهن على أبي بكر وعثمان ويدعي أنه خليفة رسول الله وإنه أحف بالأمر منهما . فنفرت العامة والقراء , واجتمعوا على معاوية إلا قليل منهم "
قال : فحمد الله وأثنى عليه وقال : " وأما بعد , مالقيت من الأمة بعد نبيها منذ قبض عليه السلام , فأقام عمر وأصحابه الذين ظاهروا علي أبا بكر فبايعوه ,
وأنا مشغول بغسل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وكفنه ودفنه , وما فرغت من ذلك حتى بايعوه وخاصموا الأنصار بحجتي وحقي , والله إنه يعلم يقيناوالذين ظاهروه أني أحق بهما من أبي بكر .
فلما رأيت اجتماعهم عليه وتركهم إياي ناشدتهم الله عز وجل وحملت فاطمة عليها السلام على حمار وأخذت بيد أبني الحسن والحسين لعلهم يرعوون , فلم أدع أحد من أهل بدر ولا أهل السابقة من المهاجرينوالنصار إلا استعنتهم ودعوتهم إلى نصرتي وناشدتهم الله حقي فلم يجيبوني ولم ينصروني . أنتم تعلمون يا معشر من حضر من أهل بدر أني أقل إلا حقا ".
قالوا : صدقت يا أمير المؤمنين وبررت , فنستغفر الله من ذلك ونتوب اليه .
قال : " وكان الناس قريبي عهد بالجاهلية فخشيت فرقة أمة محمد واختلاف كلمتهم , وذكرت ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه أخبرني بما صنعوا وأمرني : إن وجدت أعوانا جاهدتهم وإن لم أجد أعوانا كففت يدي وحقنت دمي .
ثم ردها أبوبكر إلى عمر - ووالله إنه يعلم يقينا أني أحق بها من عمر - فكرهت الفرقة فبايعت وسمعت وأطعت .
ثم جعلني عمر سادس ستة فولى الأمر ابن عوف , فخلا بإبن عفان فجعلها له على أن يردها عليه , فكرهت الفرقة والاختلاف .
ثم ان عثمان غدر بابن عوف وزوها عنه , فبرء منه ابن عوف وقام خطيبا فخلعه كما خلع نعله . ثم مات ابن عوف وأوصى أن لايصلي عليه عثمان , وزعم ولد ابن عوف أن عثمان سمه .
ثم قتل ( أي عثمان ) , وأجتمع الناس ثلاثة أيام يتشاورون في أمرهم . ثم أتوني فبايعوني طائعين غير مكرهين .
ثم أن الزبير وطلحة أتياني يستأذناني في العمرة , فأخذت عليهما أن لا ينكثا بيعتي ولا يغدرا بي ولا يبغيا علي غائلة , ثم توجها إلى مكة فسارا بعائشة إلى أهل مدرة (المدرة بمعنى البلدة والقرية لأن بنيانها من المدر أي الطين , ولعله تصحبف كلمة مدينة والمراد به البصرة ) كثير جهلهم قليل فقههم , فحملوها على نكث بيعتي واستحلال دمي " .
ثم ذكر عليه السلام عائشة وخروجها من بيتها وما ركبت منه . فقال عمار: يا أمير المؤمنين , كف عنها فإنها أمك . فترك ذكرها وأخذ فب شئ آخر , ثم عاد إلى ذكرها فقال أشد مما قال أولا . فقال عمار : يا أمير المؤمنين , كف عنها فإنها أمك . فأعرض عن ذكرها ثم عاد الثالثة فقال أشد مما قال , فقال عمار : يا أمير المؤمنين , كف عنها فإنها أمك , فقال : " إني مع الله على من خالفه , وإن أمكم ابتلاكم الله بها ليعلم أمعه تكونون أم معها ؟"
قال سليم : ثم ذكر علي عليه السلام بيعة أبي بكر وعمر وعثمان فقال : " لعمري لئن كان الأمر كما يقولون , ولا والله ماهو كما يقولون " ثم سكت فقال له عمار : وما يقولون ؟ فقال : " يقولون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يستخلف أحدا وإنهم إنما تركوا ليتشاوروا , ففعلوا غير ما أمروا في قوله , فقد بايع القوم أبا بكرعن غير مشورة ولا رضى من أحد , ثم أكرهوني وأصحابي على البيعة . ثم بايع أبو بكر عمر عن غير مشورة . ثم جعلها عمر شورى بين ستة رهط وأخرج من ذلك جميع الأنصار والمهاجرين إلا هؤلاء الستة ثم قال يصلي صهيب بالناس ثلاثة أيام , ثم امر الناس : إن مضت ثلاثة أيام ولم يفرغ القوم أن تضرب رقابهم و وإن اجتمع , وإن اجتمع أربعة وخالف اثنان أن يقتلوا الاثنين . ثم تشاوروا في ثلاثة أيام وكانت بيعتهم عن مشورة من جماعتهم وملأهم , ثم صنعوا ما رأيتم .
ثم قال " إن موسى قال لهارون { مامنعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن } إلى قوله { ولم ترقب قولي } , وأنا من نبي الله بمنزلة هارون من موسى , عهد الي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : إن ضلت الأمة بعده وتبعت غيري أن أجاهدهم إن وجدت أعوانا , وإن لم أجد أعوانا أن أكف واحقن دمي , وأخبرني بما الأمة صانعة بعده .
فلما وجدت أعوانا بعد قتل عثمان على إقامة أمر الله وإحياء الكتاب والسنة لم يسعني الكف , فبسطت يدي فقاتلت هؤلاء الناكثين ؛ وأنا غدا إنشاء الله مقاتل القاسطين بأرض الشام في موضع يقال له ( صفين ) ؛ ثم أنا بعد ذلك مقاتل المارقين بأرض من أرض العراق يقال لها ( النهروان ) . أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقتالهم في هذه المواطن الثلاث .
وكففت يدي لغير عجز ولا جبن ولا كراهية للقاء ربي , ولكن لطاعة رسول الله وحفظ وصيته , فلما وجدت أعوانا نظرت فلم أجد بين السبيلين ثالثا : إما الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , أو الكفر بالله والجهود بما أنزل الله ومعالجة الأغلال في نار جهنم والإرتداد عن الإسلام .
وقد أخبرني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الشهادة من ورائي , وإن لحيتي ستخضب من دم رأسي , بل قاتلي أشقى الأولين والآخرين , رجل أحيمر ( بضم الألف )يعدل عاقر الناقة ويعدل قابيل قاتل أخيه هابيل وفرعون الفراعنة والذي حاج إبراهيم في ربه ورجلين من بني إسرائيل بدلا كتابهم وغيرا سنتهم , ثم قال : ورجلين من أمتي ".
ثم قال عليه السلام : "إن عليهما خطايا أمة محمد , وإن كل دم سفك إلى يوم القيامة ومال يؤكل حراما وفرج يغشى حراما وحكما يجار فيه عليهما , منغير ان ينقص من إثم من عمل به شئ " .
فقال عمار : يا أمير المؤمنين , سمهما لنا فلنلعنهما . قال : " ياعمار , ألست تتولى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتبرء من أعدائهم ؟ " قال : بلى . قال : " وتتولاني وتتبرأ من عدوي ؟ " قال : بلى , قال : " حسبك يا عمار , قد برئت منهما ولعنتهما وإن لم تعرفهما بأسمائهما "
قال : يا أمير المؤمنين لو سميتهما لأصحابك فبرءوا منهما كان أمثل من ترك ذلك . قال : " رحم الله سلمان وأباذر والمقداد , ماكان أعرفهم بهما وأشد برائتهم منهما ولعنتهم لهما " .
قال : يا أمير المؤمنين جعلت فداك , فسمهما فإنا نشهد أن نتولى من توليت ونتبرءممن تبرأت منه . قال : " ياعمار , إذا يقتل أصحابي وتتفرق عني جماعتي وأهل عسكري وكثير ممن ترى حولي !
يا عمار , من تولى موسى وهارون وبرئ من عدوهما فقد برئ من العجل والسامري , ومن تولى العجل والسامري وبرئ من عدوهما برئ من موسى وهارون من حيث لا يعلم . يا عمار فمن تولى رسول الله وأهل بيته وتولاني وتبرء من عدوي فقد برئ منهما ؛ ومن برئ من عدوهما فقد برئ من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من حيث لا يعلم " .
فقال محمد ابن ابي بكر : يا أمير المؤمنين , لا تسمهما فقد عرفتهما ! ونشهد الله أن نتولاك ونبرء من عدوك كلهم , قريبهم وبعيدهم وأولهم وآخرهم وحيهم وميتهم وشاهدهم وغائبهم . ( وروي أن محمد ابن ابي بكر بايع علي عليه السلام على البراءة من أبيه )
فقال أمير المؤمنين : " يرحمك الله يا محمد , إن لكل قوم نجيبا وشاهدا عليهم وشافعا لأماثلهم و وأفضل النجباء النجيب من اهل السوء , وإنك يا محمد لنجيب اهل بيتك .
أما إني سأخبرك : دعاني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعنده سلمان وأبوذر والمقداد , ثم أرسل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عائشة إلى أبيها وحفصة إلى أبيها وأمر أبنته فأرسلت إلى زوجها عثمان , فدخلوا.
فحمد الله وأثنى عليه وقال :يا أبا بكر , يا عمر , يا عثمان , إني رأيت الليلة إثني عشر رجلا على منبري يردون أمتي عن الصراط القهقرى . فأتقوا الله وسلموا الأمر لعلي بعدي ولا تنازعوه في الخلافة ولا تظلموه ولا تظاهروا عليه أحدا . قالوا يا نبي الله . نعوذ بالله من ذلك ! أماتنا الله قبل ذلك !!
قال ( النبي ) عليه السلام : فإني أشهدكم جميعا ومن في البيت من رجل وإمرأة : أن علي بن أبي طالب خليفتي في أمتي , وأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم . فإذا مضى فإبني هذا - و وضع يده على رأس الحسن عليه السلام - فإذى مضى فإبني هذا - و وضع يده على رأس الحسين عليه السلام - ثم تسعة من ولد الحسين عليه السلام واحد بعد واحد , وهم اللذين عنى الله بقوله { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } . ثم لم يدع آية نزلت في اللأئمة إلى تلاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
فقام أبو بكر وعمر وعثمان , وبقيت أنا واصحابي أبو ذر وسلمان والمقداد وبقيت فاطمة والحسن والحسين , وقمن نساءه وبناته غير فاطمة , وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( رأيت هؤلاء الثلاثة وتسعة من بني أمية وفلان من التسعة من آل أبي سفيان ( المراد به معاوية , أي معاوية أحد التسعة من بني أمية ) وسبعة من ولد الحكم بن أبي العاص بن أمية يردون أمتي على أدبارها القهقرى ) .
قال ذالك علي عليه السلام وبيت زياد ملآن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم . ثم أقبل عليهم فقال : " اكتموا ما سمعتم إلا من مسترشد . يا زياد , إتق الله في شيعتي بعدي " ! فلما خرج من عند زياد أقبل علينا فقال : " إن معاوية سيدعيه , ويقتل شيعتي , لعنه الله " .
المصدر : كتاب سليم بن قيس الهلالي ( أسرار آل محمد )
حيث قال الإمام زين العابدين عليه السلام :
( صدق سليم , رحمه الله , هذا حديثنا كلنا نعرفه )
نسألكم الدعاء